كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ أهل الكوفة {أنا دمرناهم} بالفتح وحجتهم قراءة أبي {كيف كان عاقبة مكرهم أن دمرناهم} قوله: {أنا دمرناهم} على هذه القراءة يكون رفعا من وجه ونصبا من وجهين أما الرفع فأن ترده على قوله: {عاقبة} فتكون تابعة لها ويكون تقدير الكلام فانظر كيف كان تدميرنا إياهم وقومهم أجمعين على البدل من عاقبة وكيف في موضع نصب خبر لكان ونصبها إن شئت جعلت أنا مع ما بعده في موضع خبر كان المعنى فانظر كيف كان عاقبة مكرهم التدمير ويجوز أن يكون أنا في موضع نصب على معنى فانظر كيف كان عاقبة مكرهم لأنا دمرناهم.
{فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين} 57 قرأ أبو بكر قدرناها بالتخفيف كقوله: {فقدرنا فنعم القادرون} ولو كان قدرنا لقال فنعم المقدرون وقرأ الباقون قدرنا بالتشديد والعرب تقول قدرت وقدرت لغتان.
{ءالله خير أما يشركون} 59 قرأ أبو عمرو وعاصم {آلله خير أم ما يشركون} بالياء جعلا الكلام خبرا عن أهل الشرك وهم غيب فجرى الكلام على لفظ الخبر عنهم لغيبتهم.
وقرأ الباقون بالتاء وحجتهم أن الكلام أتى عقيب المخاطبة فأجروا الكلام على لفظ ما تقدمه وذلك قوله و{قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى} ثم قال: {آلله خير أم ما تشركون} إذ كان أمره أن يقول لهم مخاطبا لهم.
{ءإله مع الله} 60 64 قرأ نافع وأبو عمرو {آيله مع الله} بهمزة واحدة مطولة وأصل الكلمة إله ثم دخلت هممة الاستفهام فصار أإله فاستثقل الجمع بين الهمزتين أدخل بينهما ألف ليبعد هذه من هذه ثم لين الثانية.
وقرأ ورش وابن كثير {أيله} بهمزة واحدة من غير مد وهو أن تحقق الأولى وتخفف الثانية ولم تدخل بينهما ألفا.
وقرأ هشام عن ابن عامر {آإله} بهمزتين بينهما مدة وهو أن تزاد الألف بين الهمزتين ليبعد المثل عن المثل ويزول الاجتماع فيخف اللفظ بالهمزتين مع الحائل بينهما.
وقرأ أهل الشام والكوفة {أإله} بهمزتين وقد ذكرت حجتهم في سورة البقرة.
ويجعلكم خلفاء الأرض {أإله مع الله قليلا ما تذكرون} 62 قرأ أبو عمرو وهشام {قليلا ما يذكرون} بالياء وحجتهما ما تقدم من رءوس الآيات من قوله: {بل هم قوم يعدلون} 60 {بل أكثرهم لا يعلمون} 61 فلما جاءت خاتمة هذه الآية في سياقهن أجرى بلفظهن ليأتلف الكلام على نظام واحد وأراد التوفقة بين رءوس الآيات.
وقرأ الباقون {قليلا ما تذكرون} بالتاء وحجتهم أنها قريب من المخاطبة في قوله: {ويجعلكم خلفاء الأرض} فأجروا بلفظ المخاطبة إذ كانت أقرب إليها من قوله: {يعدلون} و{لا يعلمون}.
{ومن يرسل الريح بشرا بين يدي رحمته} 63 قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي {ومن يرسل الريح} بغير ألف وقرأ الباقون بالألف وقد ذكرت الحجة في سورة البقرة قوله: {نشرا} وقد ذكرنا أيضا في سورة الأعراف.
{بل ادرك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها} 66 قرأ ابن كثير وأبو عمرو {بل ادرك علمهم} بقطع الألف وسكون الدال بمعنى هل أدرك علمهم علم الآخرة كذا قال الفراء وهل بمعنى الجحد أي لم يعلموا حدوثها وكونها ودل على ذلك قوله تعالى: {بل هم في شك منها} وقالوا {في} في قوله: {في الآخرة} بمعنى الباء وتأويل الكلام لم يدرك علمهم بالآخرة ويقوي هذا قراءة من قرأ: {بل أدرك} علمهم على لفظ الاستفهام بمعنى النفي وكان قتادة يقول بل أدرك أي لم يدرك بعد.
وقرأ الباقون {بل ادارك} علمهم في الآخرة أي بل تكامل علمه يوم القيامة بأنهم مبعوثون وأن كل ما وعدوا به حق قال ابن عباس بل أدارك علمهم في الآخرة أي ما جهلوا في الدنيا علموه في الأخرة وحجتهم قراءة أبي {بل تدارك علمهم} فأدغموا التاء في الدال لمقاربتها لها فلما سكنت التاء للإدغام اجتلبت له ألف الوصل كما اجتلبت في نحو ادارأتم وفي التنزيل {حتى إذا ادركوا فيها}.
{وقال الذين كفروا أءذا كنا ترابا وءاباؤنا أئنا لمخرجون} 67 قرأ نافع {وقال الذي كفروا إذا كنا} بكسر الألف {أئنا} بالاستفهام وقرأ ابن كثير وأبو عمرو جميعا بالاستفهامين.
قرأ ابن عامر والكسائي {أإذا} بهمزتين إننا بنونين.
قرأ عاصم وحمزة {أإذا} بهمزتين أئنا بهمزتين وقد ذكرت الحجة في سورة الرعد.
{ولا تكن في ضيق مما يمكرون} 70 قرأ ابن كثير {ولا تكن في ضيق} بكسر الضاد وقرأ الباقون {في ضيق} بالفتح الضيق بالكسر الاسم والضيق بالفتح المصدر وقال الفراء الضيق ما ضاق عنه صدرك والضيق ما يكون في الشيء الذي يتسع ويضيق مثل الدار والثوب وقال أبو عمرو الضيق بالفتح الغم والضيق بالكسر الشدة.
{إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} 8 قرأ ابن كثير {ولا يسمع} بالياء وفتحها الصم بالرفع جعلهم الفاعلين أي لا ينقادون للحق لعنادهم كما لا يسمع الأصم ما يقال له.
وقرأ الباقون {لا تسمع} بالتاء وضمها الصم نصب خطاب لرسول الله صلى الله عليه وحجتهم أنه أشبه بما قبله ألا ترى في قوله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى} فأسند الفعل إلى المخاطب فكذلك تسند إليه في قوله: {ولا تسمع الصم} ويدل على ذلك قوله: {ولو علم الله فيه خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا} فيكون المعنى إنك لا تسمعهم كما لم يسمعهم الله فالمعنى أنهم لفرط إعراضهم عما يدعون إليه من التوحيد كالميت الذي لا سبيل إلى إسماعه وإعلامه شيئا كالصم.
{وما أن بهادي العمي عن ضلالتهم} 81 قرأ حمزة {وما أنت تهدي العمي} بالتاء والعمي بالنصب وحجته قوله: {أفأنت تهدي العمي} والمعنى أنك لا تهديهم لشدة عنادهم وفرط إعراضهم فأما أنت في قوله: {وما أنت تهدي} فعلى قول أهل الحجاز وهو لغة التنزيل يرتفع بما وتهدي في موضع نصب بأنه الخبر.
وقرأ الباقون {وما أنت بهادي العمي} مضافا وفي الروم مثله بهادي اسم الفاعل وهو في موضع جر بالباء وهو خبر ما كما تقول ما أنت بقائم ولو أسقطت الباء لقلت ما أنت قائما وكتب بهادي في هذه السورة بالياء على الأصل وكتب في الروم بهاد بغير ياء على نية الوصل والاختيار أن تقف ها هنا بالياء وفي الروم بغير ياء.
{أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بئايتنا لا يوقنون} 82 قرأ عاصم وحمزة والكسائي أن الناس بفتح الألف واحتجوا بقراءة ابن مسعود {تكلمهم بأن الناس} بالباء فلما سقطت الباء حكم عليها بالنصب.
وقرأ الباقون {إن الناس} بالكسر على الاستئناف جعلوا الكلام عند قوله: {تكلمهم} تاما.
{ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا ما شاء الله وكل أتوه داخرين} 87 قرأ حمزة وحفص {وكل أتوه} مقصورة مفتوحة التاء جعلاه فعلا ماضيا أي جاءوه على تأويل إذا كان ذلك أتوه كقوله: {ونادى أصاب الجنة} وإنما هو إذا كان ذلك وكذلك قوله: {يوما كان شره مستطيرا} أي إذا وقع كان شره مستطيرا وهو مردود على قوله: {ففزع} كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى قوله: {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض وكلهم أتوه داخرين} والأصل أتيوه فاستثقلوا الضمة على الياء فحذفوها وحذفوا الياء لسكونها وسكون واو الجمع.
وقرأ الباقون {وكل آتوه} بالمد مضمومة على الاستقبال وحجتهم قوله تعالى: {وكلهم آتيه يوم القيامة} فكذلك الجمع آتوه والأصل آتيونه فذهبت الياء لما أعلمتك والنون للإضافة وإنما جاز في كل أن تقول آتيه وآتوه لأن لفظها لفظ الواحد ومعناه الجمع فمن جمع رده إلى معناها كقوله تعالى: {كل له قانتون} {وكل أتوه داخرين} ومن وحد رده إلى لفظها كما قال وكلهم آتيه يوم القيامة فردا فوحد ردا إلى اللفظ.
{وترى الجبال تحسبها جامدة إنه خبير بما تفعلون} 88 قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {إنه خبير بما يفعلون} بالياء ردوه على الخبر عن الغيب في قوله: {وكل أتوه داخرين}.
وقرأ الباقون {إنه خبير بما تفعلون} بالتاء أي أنتم وهم وحجتهم في ذلك أنه قرب من المخاطبة في قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدة} فهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وأمته داخلون معه في الخطاب كما قال: {فأقم وجهك للدين حنيفا} ثم قال: {منيبين إليه} فجعل الحال من أمته فدل على أنه خاطبه وأمته وأسند الخطاب إليه والمعنى هو وأمته فكذلك قوله: {وترى الجبال تحسبها} جامدة الخطاب له ولأمته فختم الكلام بمثل معنى ما تقدمه من الخطاب.
{من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون} 89 قرأ عاصم وحمزة والكسائي {وهم من فزع} مُنَوّن {يومَئذ} نصب.
وقرأ ابو عمرو وابن كثير وابن عامر وإسماعيل {من فزع يومئذ} بكسر الميم غير مُنَوّن جعلوه مضافا.
وقرأ نافع {من فزع} غير مُنَوّن {يومَئذ} بفتح الميم.
قال الفراء الإضافة أعجب إلي لأنه فزع يوم معلوم وإذا نون صار فزعا دون فزع وحجتهم قوله: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} فجعله معرفة فكان تأويله وهم من فزع يوم القيامة كله آمنون وحجة من نون هي أن النكرة أعم من المعرفة لأن ذلك يقع على فزع وهو أعم وأكثر لأنك إذ قلت رأيت رجلا وقع على كل رجل وكذا إذا قلت رايت غلاما فإذا قلت رايت غلامك حصرت الرؤية على شخص واحد.
قال بعض النحويين يجوز إذا نون أن يعني به فزع واحد ويجوز أن يعنى به كثرة لأنه مصدر والمصادر تدل على الكثرة وإن كانت مفردة قال وينتصب يومئذ من وجهين أحدهما أن يكون منتصبا بالمصدر كأنه قال وهم من أن يفزعوا يومئذ ويجوز أن اليوم صفة لفزع لأن أسماء الأحداث توصف بأسماء الزمان كما يخبر عنها بها وفيه ذكر الموصوف وتقديره في هذا الوجه أن يتعلق بمحذوف كأنه من فزع يحدث يومئذ والثاني أن يتعلق باسم الفاعل كأنه قال آمنون يومئذ من فزع ومن لم ينون وفتح الميم فإنه جعل يوم مع إذ كالاسم الواحد فبنى الكلام وجعل الإسمين اسما واحد كقولك خمسة عشر وحجته في ذلك أن إضافة يوم إلى إذ غير محضة لأن الحروف لا يضاف إليها ولا إلى الأفعال لا يقال هذا غلام يقوم ولا يقال هذ غلام إذ وإنما تقول هذا غلام زيد فأما من كسر فقد أضاف اليوم وهو معرب في نفسه فأعطاه حقه من الإعراب كما كان يجب له في غير هذا الموضع ولم يلتفت إلى ما بعده.
{وقل الحمد لله سيريكم ءايته فتعروفونها وما الله بغافل عما تعملون}.
قرأ نافع وابن عامر وحفص وما ربك بغافل عما تعملون بالتاء على الخطاب وحجتهم ما تقدم وهو قوله: {سيريكم آياته} وقرأ الباقون بالياء وحجتهم أن الكلام انقطع عند قوله: {وقل الحمد لله سيريكم آياته} ثم قال: {وما ربك بغافل عما يعملون} أي عما يعمل هؤلاء المشركون. اهـ.